نشرت تحت تصنيف كِتابْ قَرَأتُهُ

هوس العبقرية،

هوس العبقرية – الحياة السرية لماري كوري

باربارا جولدسميث

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

أم الكيمياء (ماري سكلودوفسكا كوري) ولدت مع الكيمياء و عاشت مع الكيمياء و توفيت بسبب الكيمياء.

إنها أول أنثى تفوز بجائزة نوبل, وأول من فاز بها مرتين, كما أنها من أربعة أشخاص فازوا بهذه الجائزة أكثر من مرة، من عام 1901 , وهو تاريخ تأسيس جائزة نوبل للعظماء, إنها الأنثى, التي أحبت بقلبها رجالاً وبعقلها علماً! لذلك فهي أنثى تستحق أن يخصص لها صفحات في تاريخ الأنثى البشرية, ماذا فعلت لكي تكون ذلك؟

في كتاب هوس العبقرية الذي بذلت الكاتبة “باربارا” جهداً مميزاً في تناول سيرة ماري كوري بأسلوب روائي بعيداً عن ملل العلوم والنظريات والمعادلات الكيميائية، تعرفتُّ على ماري كوري الإنسانة، وعلى جانب من عالمها الحافل بالإنجازات التي تولدّت من رحم معاناةٍ عاشتها تلك البولندية التي انتقلت بعد أربعة وعشرين عاماً للعيش في فرنسا إلى جانب أختها للدراسة في باريس.

ماري كوري التي ضحّت بالحب الأول ” كازيمير تسورافسكي ” في سبيل العلم، والتي أحبّت ثم تزوجت “بيير كوري” أثناء دراستها في السوربون، وكان بيير رفيق الدرب وآسر القلب، شريك الحلم والتميز، والذي أدخل ماري بحالة كآبة كبيرة بعد وفاته، لم يمنع ذلك مع مرور السنين من خفقان قلب ماري للمرة الثالثة حين كُشف عام 1911 النقاب عن علاقة جمعت بين ماري كوري وبول لانجفان. انتهت بعد الفضيحة الصحفية التي أثرت على نفسية ماري، ومن تدبيرات القدر أن (هيلين جوليو) حفيدة مدام كوري تزوجت بعد سنوات طويلة من هذه الأحداث من (مايكل لانجفان) حفيد بول لانجفان، أي أمرأة هذه وأي قدرٍ مكتوب لهذه العائلة النوبلية بالوراثة؟!!!

ماري كوري حصلت على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1903 مع زوجها بيير كوري وصديقهم هنري بيكريل، اعترافاً بالفضل الكبير لأبحاثهم المشتركة في دراسة ظاهرة الإشعاع التي اكتشفها البروفيسور بيكريل. وحصلت ماري منفردة على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1911 اعترافاً بفضلها على تقدم الكيمياء باكتشافها عنصري الراديوم البولونيوم, قامت بتسمية هذا المعدن نسبة لبولونيا ( بولندا)  وطنها الأم, وفصلها لمعدن الراديوم، ودراستها لطبيعة ومركبات هذا العنصر الهام, وبعد شهر من نيلها لجازة نوبل الثانية أدخلت كوري إلى المستشفى مصابة باكتئاب ومرض كلوي.

ماري كوري لم تحصل على نوبل بمحض الصدفة فقط، هي اجتهدت ودرست وسهرت رغم الضروف الصعبة التي عاشتها ورغم قسوة العالم عليها في ذلك الوقت كونها أنثى، لكنها كانت مثالاً يحتذى في المثابرة، اهتمت ببناتها وبتعليمهن اللغة البولندية (اللغة الأم) اقتفت ابنتها آيرين جوليو كوري خطى والدتها ونالت وزوجها فريدريك جوليو في عام 1935 جائزة نوبل في الكيمياء بعد قيامهما بتحضير أول نظير مشع من صنع الإنسان.

حريٌ بتلك المرأة العظيمة أن تتوج على عرش العّظمة وأن تُدفن في مقبرة العظماء، وتم ذلك في عام 1995، حيث نقل رفاتهما إلى البانتيون (مقبرة العظماء) في باريس تكريماً لإنجازاتهما العلمية، وكانت ماري كوري أول امرأة يتم تكريمها بهذه الطريقة، بل والوحيدة حتى ذلك التاريخ, وقد حُفظ معملها في متحف سمي بمتحف كوري, والغريب أنه ونظراً لتأثر أوراقها التي ترجع إلى تسعينيات القرن التاسع عشر بالإشعاع، فقد اعتبرت مواد شديدة الخطورة، وحتى كتاب الطهي الخاص بها كان مشعاً بدرجة كبيرة لدرجة أنه محفوظ مع تلك الأوراق في صناديق مبطنة بالرصاص، وتستدعي مطالعة هذه الأوراق ارتداء ملابس خاصة واقية من الإشعاع, كأنها أرادت أن تحفظ حاجياتها وأوراقها بعيداً عن العبث.

الغلاف الخلفي لـهوس العبقرية
الغلاف الخلفي لـهوس العبقرية

كتاب هوس العبقرية أصدر عن دار العين وكلمة، القاهرة وأبو ظبي 2009

تأليف: باربارا جولد سميث، ترجمة: د. أحمد عبدالله السماحي و د. فتح الله الشيخ

قرأناه في شهر نوفمبر 2012 مع الأصدقاء في صالون الجمعة .. مراجعتي وتقييمي ..

المعلق:

مهندسة تقرأ وتكتب

أضف تعليق